بقلوب واجفة وأياد راجفة، شيعت مدينة فاس اليوم أحد أبنائها من الذين لم يبلغوا الحلم بعد. طفل أقل ما يمكن أن نقول عنه انه كان ضحية للتردي الذي يعرفه النقل على مستوى الحاضرة الإدريسية.
موت عبدالرحمان السملالي البالغ من العمر إثنتا عشرة سنة بريئة والذي يتابع دراسته بمدرسة عزيز أمين، اختلفت حوله الرويات، فبين من قال أن المتوفي كان يتسلق الحافلة من الخلف وسقط سهوا من مفكرة السائق لتحتضنه بموت حافلة قادمة من الخلف، وتفجر رأسه الصغير الذي كان يعج بأحلام كثيرة وبريئة وتطوي معها صفحته وإلى الأبد.
لكن وبالمقابل فروايات الشهود ممن عاينوا الحادثة عن كثب، قالوا أن عبدالرحمان قد قتل بأيدي أحد مراقبي “سيتي باص”، ودفع من روحه ثمنا لتذكرة لا تتجاوز ثلاثة دراهم ونصف.
جنازة التلميذ عبد الرحمان السملالي، مرت في أجواء مهيبة وخاشعة، فدمعت لها العيون وأدمت لها القلوب، وتمتمت لها الشفتان وتحرك اللسان ونطق لله ما أعطى ولله ما أخذ، غير أن الجنازة لم تنتهي بدفن الجثمان الصغير، بل تحولت الى مسيرة حاشدة حشد لها الشباب الحناجر ونددوا بشركة “سيتي باص”، وشبهوها بالمافيا وحملوها دماء عبدالرحمان التي سالت على جنبات محطة باب الجياف، التي ستتوقف عندها الذاكرة طويلا وحتى الزمن سيربطها بموت التلميذ القاصرولن ينساها من عايش الواقعة الصادمة عن كثب وستحيا بداخله طويلا.
الأخطر في هذه القضية أن أحد الشهود العيان كان رفيقا لعبدالرحمان في رحلة الموت هاته، وهو الآخر تم الإعتداء عليه وأكد واقعة دع الضحية عن الآلة المتحركة الى الإسفلت، قبل ان تقوم الحافلة القادمة من الخلف بدهسه وكتم أنفاسه.
تعليقات