الرحيل المفاجئ للملك الأب شكل هزة عنيفة لأبنائه وصدمة أليمة، هكذا علقت الابنة البكر للملك الراحل على فقدان الحسن الثاني في الحوار الذي نشرته مجلة «سيدتي» في شهر أبريل 2000، أي بعد ستة أشهر على رحيل والدها.
أحبت في الملك محمد السادس عطفه وحسن رعايته لأشقائه، وتعلمت من والدها الحزم، وتجد مثل باقي شقيقاتها وشقيقها الأمير مولاي رشيد في الملك الأخ العزاء الأكبر بعد فقدان الملك الأب.
> كيف تعيش الأميرة فقدان والدها الملك الحسن الثاني؟
< مازلت أجتر حزني الشديد وألمي العميق الناتجين عن هول الفاجعة، ومع أنه لا مرد لقدر الله، إلا أن الرحيل المفاجئ لعاهلنا ووالدنا الملك الحسن الثاني، أكرم الله مثواه، شكل لنا نحن أبناءه، ولأفراد شعبه، هزة عنيفة وصدمة أليمة نرجو الله أن يعيننا على تحملها.
> ما هي أجمل الذكريات التي تحفظها الأميرة للملك الراحل؟
< كثيرة ومتنوعة ويصعب تعدادها أو حصرها، فقد كانت حياتنا معه، رحمه الله، كلها ذكريات ومشاهد عميقة الذكرى في نفوسنا ووعينا، إن صورته كملك عظيم وزعيم سياسي محنك لا توازيها في نظري إلا شخصيته الرائعة كأب حنون، يبدي اهتمامه الشديد بأبنائه وأفراد أسرته، لقد كان رحمه الله يغمر أبناءه وأحفاده بعطف يفوق كل وصف، ولا أستطيع أن أستعرض مزاياه الكثيرة في هذا الباب، إن حجم تلك الذكريات مع فقيدنا الكبير وتنوع مشاهدها هو ما سيجعل صورته ملء عيوننا في كل لحظة وحين.
> ماذا تعلمت الأميرة من والدها الراحل الملك الحسن الثاني؟
< كان رحمه الله معلمنا وموجهنا ومربينا الأول، وقد تعلمنا منه الحزم في الأمور كلها، والتحلي بالصبر والشجاعة، والقيام بالواجب وأداء الرسالة على الوجه الأكمل.
> ما هي المبادئ التي أخذتها عنه؟
< حب الوطن والعمل من أجل مصلحة بلدنا وشعبنا وأمتنا العربية والإسلامية، كما أخذنا عنه، رحمه الله، فضيلة التسامح والتعايش.
> أنت اليوم شقيقة الملك محمد السادس، فكيف هي علاقتكن بالملك كشقيق أولا وكملك للبلاد ثانيا؟
< الأخوة رابطة ثابتة لا تتغير بتغير موقع الأخ في المسؤولية، ثم إن مسؤوليات الملك شيء وآصرة الأخوة شيء آخر، ولكل مقام مقال، وشقيقنا الملك محمد السادس، حفظه الله وأيده، عودنا دائما على عطفه الجميل وحسن رعايته لنا نحن أشقاءه، ونحن الآن نشعر أنه يهتم بنا تماما كما كان حاله معنا وهو ولي العهد إن لم يكن أكثر، ونحن نجد فيه الآن عزاءنا الأكبر بعد فقدان والدنا الراحل الملك الحسن الثاني، طيب الله ثراه، هذا من جهة، أما من جهة ثانية فنحن مطمئنون ومتفائلون جدا بحسن قيادته لمسيرة الأمة بحكمة وثبات، وشجاعة ودراية تامة بأوضاع البلد وطموحات شعبه، لذلك فنحن نضع أنفسنا رهن إشارته في كل أمر يرى ضرورة مساهمتنا لإنجاحه خدمة للصالح العام.
> ما هي أحب اللحظات إلى قلوبكن؟
< هي التي كانت تجمع أسرتنا الصغيرة مع والدنا الحسن الثاني، حيث كنا ننعم بظله الوريف ونغترف من عطفه وحنانه وأبوته المثالية.
> ما هو الرصيد الإنساني الذي تركه لكم الحسن الثاني؟
< ترك لنا صورة ملك فذ وزعيم كبير ورجل من ألمع رجالات الإنسانية وأكثرهم حضورا وتأثيرا وإشعاعا وألمعية، والحديث عن مؤهلاته الفكرية والسياسية والثقافية وحكمته وبعد نظره ورؤيته العميقة والناضجة للتفاعلات السياسية والفكرية والحضارية حديث يكاد لا ينتهي، نظرا لما كان لوالدنا، رحمه الله، من رصيد علمي وزاد ثقافي، وكفاءة سياسية يعز نظيرها.
> ما هي المسؤوليات الملقاة على عاتقك الآن؟
< طبقا لتوجيهات شقيقي الملك محمد السادس، أشرف على الشؤون الاجتماعية لأفراد القوات المسلحة الملكية، وأهتم بالجانب الصحي للطفولة المغربية، فضلا عن رعاية عدد من الأعمال الخيرية والاجتماعية ذات البعد الإنساني.
> بماذا تحلمين كأم للأميرين مولاي إدريس وللا سكينة؟
< أن أراهما يحققان ما كان يرجوه لهما والدي وجدهما الملك الحسن الثاني، رحمه الله، الذي كان يريد أن يراهما في مستوى المسؤولية اللائقة لوطنهما ومخلصين لخدمته، فقد كان شديد الاهتمام بأحفاده جميعهم، وحريصا على أن يكون له دور في تنشئتهم وتربيتهم، لذلك سيظل جميع أحفاده يذكرونه ويعتزون بأياديه البيضاء عليهم.
> ما هي آمالك للطفولة المغربية عامة في أفق عام 2000 باعتبارك ترعين مؤسسات ونشاطات مهمة في هذا المجال؟
< أملي هو أن نستطيع الاطمئنان إلى ضمان تنشئة اجتماعية سليمة لطفولتنا المغربية، مع رعاية صحية لائقة حتى نتمكن من مواجهة كل الآفاق الاجتماعية والصحية، ولنا في الإرادة القوية لملكنا الشاب، وما عرف عنه من اهتمام شديد بالجوانب الاجتماعية والإنسانية والصحية لأفراد شعبه، لنا في كل هذا ما يقوي آمالنا في تحقيق مستقبل واعد لطفولتنا المغربية، إن شاء الله.
> استجوبتها: سميرة مغداد
تعليقات