“سارة لم تنتحر، سارة قتلت، و القتلة أحرار”. هكذا علقت زينب أخت سارة التي لم يمض على حفل زفافها إلا أسبوع واحد لتزف إلى قبرها الثلاثاء الماضي.
لازالت عائلتها غير قادرة على تصديق أن سارة فارقت الحياة. فحسب ما روته زينب فقد كانت أختها و رفيقة عمرها سعيدة جدا بزواجها، منذ فبراير الماضي حينما عقدت قرانها على شاب في ال39 من عمره، وهو من أبناء المنطقة التي تقطن بها بضواحي سطات، ومهاجر بالديار الإيطالية، وهي تنظر أن يأتي ذلك اليوم الذي تزف فيه لعريسها. تقول زينب ” تربيت مع سارة و أعرفها حق المعرفة لو لم تكن بكرا لما وافقت على الزواج”.
في 3 من أكتوبر الجاري احتفلت العائلة بزفاف سارة. كانت هذه الأخيرة لاترفض طلبا لعريسها و تمتثل لكل أوامره، حتى عندما طلب منها أن تلبس الخمار وافقت بدون قيد أو شرط.
في تلك الليلة التي شهدت حفل زفافها سوف تنقلب حياتها كليا، بعد أن علا صراخ زوجها وبدأ يصفعها و يجرها من شعرها بدعوى انها لم تكن بكرا. توسلت سارة للزوج و نفت ادعاءاتها بكل قوتها. بكت. لطمت خديها. صدحت بكل صوتها أنها بكر ولم يسبق لها أن ربطت أي علاقة مع أي كان. لكن زوجها الذي يكن يسمع إلا صوته ظل على موقفه.
في اليوم الموالي استدعى أفراد عائلته، و قرروا أن يصحبوا سارة لطبيبة حتى يتأكدوا ما إذا كانت بكرا أم لا. أخبرتهم الطبيبة بأن سارة من اللواتي لديهن غشاء بكارة يتطلب تدخلا طبيا. تنفست سارة الصعداء وظنت أنها حصلت على صك البراءة، لكنها ما إن غادرت رفقة زوجها وشقيقته و زوجه هذه الأخيرة، حتى طلب صهر العريس بأن يعود زوج سارة للطبيبة و يطلب منها شهادة تثبت كلامها، وفعلا هذا ما حصل، ولما رفضت الطبيبة منحه الشهادة التي طلب بدأ يرغي و يزبد فطلبت منه أن يغادر رفقة زوج شقيقته واصفة إياهما بالجاهلين.
ما إن غادرت سارة المكان حتى بدأت رحلة عذاب من نوع آخر. في تلك الليلة فرض عليها العريس أن تشاهد فيديو لامرأة تزوجت من جني لأربعين سنة، ثم بدأ يرعبها بأنه قد يكون هو ذلك الجني. أمضت سارة ليلتها وهي تتقلب وتفكر في مصيرها، وفي اليوم الموالي اصطحبها الثلاثة من جديد لمدينة برشيد. جلس الأربعة في مقهى وأخرج صهر العريس هاتفه النقال ثم طلب منها أن تعترف بعلاقاتها السابقة وهو يسجل كل ما تقوله. نفت سارة كل الاتهامات الموجهة لها جملة و تفصيلا، ليخبرها العريس وصهره أنها إن لم تعترف بما اقترفته سوف يصحبانها للدوار ثم يدعون سكانه لرجمها هناك. بكت المسكينة بحرقة. توسلت لهم ألا يفضحوها مع أهلها لأنها لم تقترف أي ذنب.
لم تتحمل سارة ضغوطات عائلة العريس وتهديداتهم بفضحها في الدوار، وهي التي تنحدر من عائلة محافظة ومعروفة تحظى باحترام كل سكان الدوار.
بعد أيام من العذاب قررت سارة الهرب. استقلت سيارة أجرة كبيرة و توجهت صوب مدينة برشيد. هناك حاولت أن تشتري سما لإنهاء هذه المأساة، لكنها لم تقو على تنفيذ فكرتها، فاتصلت بصديقة مقربة منها و طلبت منها المجيء. حاولت صديقتها أن تهدأ من روعها و أقنعتها بالعودة معها. اتصلت صديقتها بعائلة سارة لتطمئنهم، خاصة و أن العريس أخبرهم باختفائها لأنها لم تكن بكرا.
“عندما جاءت سارة للبيت كانت في وضع سيء. لونها كان شاحبا وكانت ترجف. لم تقو على النظر في وجوهنا” تقول زينب. ثم تضيف “عندما لمحت شقيقها الأكبر كادت تسقط على الأرض. رجلاها لم تكن تحملانها من الخوف و الخجل، لكن شقيقها ضمها لصدره وبدأ يعانقها و يطمئنها بالقول إن الكابوس الذي عاشته رفقة ذلك “الوحش” انتهى.
في تلك الليلة حاول كل من جهته تهدءتها. كل واحد يحاول أن يقنعها بأن تنسى هذه التجربة السيئة. و في ساعة متقدمة من صباح اليوم الموالي سمعت زينب التي كانت ترقد بجانبها أنينها ولما سارعت لرؤيتها وجدتها فاقدة الوعي.
حملوها لمستشفى الحسن الثاني بسطات. ثم أخبروهم هناك أن سارة تعرضت لضغوطات نفسية شديدة، ما أصابها بجلطة في المخ، دخلت على إثرها في غيبوبة.
كل الفحوصات التي أجريت لها أثبتت بأن سارة لم تتناول أية مادة سامة و بأنها تعرضت لجلطة في المخ أدخلتها في غيبوبة.
كانت سارة تحاول أن تثبت لعريسها و لأهلها أيضا أنها بكر و لم تلطخ شرف العائلة، لكنها فارقت الحياة و نقش الحناء لازال بيديها، لتزف لقبرها بكرا ، كما تؤكد زينب أختها.
وبحسب أهلها فإن وكيل الملك استمع لعدد من أفراد أسرتها و لصديقتها بناء على الشكاية التي تقدم بها والدها، كما صدر أمر بمنع العريس من مغادرة التراب الوطني إلى حين استكمال إجراءات التحقيق.
تعليقات